المدينة: | الموصِل |
تاريخ الولادة: | 1989 |
عدد مرّات الاعتقال: | مرات متعددة |
أماكن الاعتقال: | سجن الميدان- منزل- سجن القائم مقام - الطيران |
مكان الاعتقال الأخير: | سجن الميدان |
تاريخ الاعتقال الأخير: | 2016 |
مدّة الاعتقال الأخير: | 85 يوماً |
تاريخ تسجيل المقابلة: | 2024 |
مدة المقابلة: | 52:18 |
زاول محمد عبد صالح حسن الحمداني أعمالاً حرّة، ومنها الإتجار بالدخان، وهي السلعة التي حارب تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) بشدّة استهلاكها أو الإتّجار بها.
في هذا الحديث المطوّل معه، يشير محمد إلى اعتقاله عدّة مرّات في العراق وسوريا، في زمن سيطرة التنظيم، دون أنْ يشرح كامل ملابسات حوادث الاعتقال تلك. لكنه يذكر أن بعضها ارتبط بتجارة الدّخان أو بمحاولته تهريب بعض الأشخاص إلى سوريا. أما الجزء الأكبر من مقابلته هذه فتركز بصورة خاصّة على تجربته في سجن الميدان التي امتدت إلى 85 يوماً.
في العام 2016 ضبط عناصر التنظيم عند محمد 132 طرداً من علب السجائر، لكنه نجح في الهرب والاختفاء لنحو شهرين. لاحقاً ألقي القبضُ عليه عن طريق دورية شرطة تابعة للتنظيم في سوق الشعارين، فاحتجز عدّة ساعات في أحد مساجد تلك المنطقة قبل نقله إلى مكتب تحريّات آخر في منطقة النجّارين. بعد ذلك حوّل الشاب إلى سجن “الطيران” الذي أمضى فيه وقتاً قصيراً، إلى أن قُصِف المبنى فنُقِل أخيراً إلى سجن الميدان.
يروي محمد في شهادته هذه كيف خضع للتّحقيق في هذا السجن، وكيف مثَل أمام القاضي الشرعي وعُذب عدّة مرّات جلداً وضرباً على “الحنتورة” (أداة تعذيب تُشبه السرير). ويذكر أنّ السجانين زادوا في تعذيبه بعدما علموا، إثر وشاية أحد السجناء الآخرين به، أنّه لا يقدم معلومات صحيحة حول تجارته.
كما يتذكر حادثة مؤلمة شهدها في السجن، عندما ظلّ السجّانون يضربون أحد المعتقلين بالعصا حتى الموت، لأنّه كان قريباً لشخصٍ آخر أطلق النار خارج السجن على أحد عناصر التنظيم.
يتحدّث محمد عن العقوبة التي نالها. فبعد اعترافه بكلّ ما عنده، حُكِم عليه بالصلب العلنيّ، فسِيقَ من السجن إلى إحدى ساحات الموصل ليصلب فيها أمام الناس على مدى ثلاثة أيام متتالية لثلاث ساعات يوميّاً. لكن لاحقاً، وبالنظر إلى طول المدّة التي أمضاها في السجن، تحسّن تعامل السجّانين معه، حتّى عُيِّن مسؤولاً ومراقباً على باقي المعتقلين.
ويؤكّد محمّد أنّ هذه المسؤولية التي أوكِلت إليه جعلته في موقف حرِج، لكنه بالرغم من ذلك لطالما تساهل في تفتيش السجناء الجدد غاضّاً النظر قليلاً عن السجائر والحبوب المُخدّرة التي هُربت سرّاً إلى السجن. وهو في حديثه يعترف أنّه وغيره من المعتقلين كثيراً ما دخنوا السجائر في حمامات السجن، كما يتحدّث عن الآثار الشديدة التي عاناها المدمنون عند انقطاع حبوب التخدير عنهم.
في الغرفة التي كانت مطبخاً يوضح محمد كيف أصبح ملمّاً بكيفيّة تحضير وتوزيع الطعام في سجن الميدان، لأن السجانين أوكلوا إليه بداية مهمة توزيع حصص الطعام. في الفترات الأولى من تواجده في السجن تألف الطعام من الأرز والمرق ظهراً، والبطاطا أو حساء العدس مساءً. لاحقاً ونتيجة مناخ الاضطراب الذي فرضه اشتداد المعارك، كُلِّف محمد مع معتقل آخر بتحضير وجبات الطعام وسمُح لهم بالنزول إلى المطبخ في السرداب لتحضير تلك الوجبات التي اقتصرت على المعكرونة أو البطاطا المسلوقة.
واللافت أن محمد يقدِّم لاحقاً في شهادته صورة مختلفة عن عناصر التنظيم في فترات تواجدهم الأخيرة في الموصل القديمة. إذ يصوّر حالة القلق والتوجّس التي ألمت بهم بعد اشتداد المعارك والهجمات التي استهدفتهم. يقول مثلاً إنّ السجانين باتوا يخافون الدخول إلى مهاجع السجن، وإذا ما اضطروا إلى ذلك كانوا يأمرون الجميع بالابتعاد نحو الحائط ويسمحون لأحدهم بالاقتراب منهم.
حالة الاضطراب تلك هي التي سهّلت عليه في النهاية عمليّة فراره مع معتقلين آخرين عبر سطح السجن. وقد نجحوا في ذلك بعد تخطيطٍ متأنٍّ، فتمكّنوا من كسر قفل باب السطح باستخدام أداة هرَّبها محمد من المطبخ. استغل المعتقلون يومها انقطاع الكهرباء عن كاميرات المراقبة، فكسروا القفل وتسلّلوا عبر درج السطح. نجح محمد ومعتقل آخر في الفرار تلك الليلة، لكن زميلهم الثالث، سقط وكسر ظهره فأُلقِي القبض عليه.
تنقّل محمد بين منازل تعود لعدد من معارفه وأصدقائه الموثوقين، وتجنّب طوال شهور العودة إلى منطقة سكنه.